الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للممنوع من السفر أن يُعطي مالا لمن يَحُجُّ عنه؟

السؤال

أسكن في دولة أجنبية غربية. منذ أكثر من عشر سنوات أصبت بخسائر كبيرة في تجارتي، وأعمالي، وأصبحت بسبب ذلك مدينا لشركات. ودخلت في ضائقة مالية، لم أستطع الخروج منها إلى الآن. الحمد لله أنا في صحة، وعافية جسديا: أي أنني أستطيع تأدية مناسك الحج بنفسي. وطول عمري أحلم بأن أحج، وأزور بيت الله الحرام، لكن الدولة التي أسكن فيها حظرت علي السفر خارج البلاد؛ بسبب ديوني للشركات؛ لذلك منعت من السفر دوليا.
فهل أستطيع أن أعطي مبلغا من المال لشخص يؤدي عني فريضة الحج، أو العمرة على الأقل؟
وهل أستطيع أن أضحي أضحية، أو أكثر، وتوزيعها كلها للمحتاجين بنية الفرج، وتيسير أموري؟
شكرا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أن تنيب أحداً؛ ليؤدي عنك فريضة الحج، والعمرة، وذلك أن النيابة في الحج، أو العمرة الواجبين لا تكون إلا عمن عجز ببدنه، فمن كان قادرًا على الحج، والاعتمار ببدنه، لا تصح النيابة عنه في الفريضة.

قال ابن قدامة في المغني: فصل: لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعًا.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام، وهو قادر على أن يحج، لا يجزئ عنه أن يحج غيره عنه. انتهى.

وغايتك أن تكون في حكم المسجون، والمسجون لا يجب عليه الحج أثناء حبسه، وإنما يجب عليه الحج بعد زوال عذره، وهو الخروج من السجن.

قال ابن قدامة في المغني: ومن يرجى زوال مرضه، والمحبوس، ونحوه، ليس له أن يستنيب. فإن فعل، لم يجزئه، وإن لم يبرأ. وبهذا قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة: له ذلك. ويكون ذلك مراعى، فإن قدر على الحج بنفسه لزمه، وإلا أجزأه ذلك؛ لأنه عاجز عن الحج بنفسه، أشبه الميئوس من برئه.

ولنا، أنه يرجو القدرة على الحج بنفسه، فلم يكن له الاستنابة، ولا تجزئه إن فعل، كالفقير، وفارق الميئوس من برئه؛ لأنه عاجز على الإطلاق، آيس من القدرة على الأصل، فأشبه الميت. انتهى.

ويجوز لك أن تضحي بأضحية، أو أكثر، وتوزعها على المحتاجين، وأن تجمع في نيتك بين الأضحية، وتفريج الكرب، وتيسير الأمور، وذلك أن للصدقة، وإطعام الطعام أثرا ظاهرا في دفع النقم، والبلاء. قال ابن القيم ـ رحمه الله- في الوابل الصيب: فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر، أو من ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم، وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مُقرُّون به؛ لأنهم جربوه. انتهى.

ولكن بشرط أن يخلو ذلك الفعل من الاعتقادات الفاسدة، كظن بعض الناس أن إسالة الدم تدفع شر الجان المتسبب في البلاء، ونحو ذلك من البدع، والمحدثات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني