السؤال
ما حكم قول: ولنا في الخيال حياة؟ وما حكم الحديث عن العالم الموازي، وهو ذلك العالم من الفضائل الذي يخلو من العيوب؟
ما حكم قول: ولنا في الخيال حياة؟ وما حكم الحديث عن العالم الموازي، وهو ذلك العالم من الفضائل الذي يخلو من العيوب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقولة: ولكم في الخيال حياة ـ مقولة باطلة، وهي من مظاهر تقديس الخيال، والاشتغال بأحلام اليقظة الذي يلجأ إليه البطالون هروبًا من الواقع، وكسلًا عن العمل والإنتاج، وإشباعًا لرغباتهم ودوافعهم التي يعجزون عن تحقيقها في الواقع، فهو عبارة عن هروب من مشاكل الواقع، وقساوته إلى عالم خيالي بحت، فقد يرى المرء نفسه بطلًا مشهورًا، ويتمنى أن يكون كذلك في الواقع، أو زعيمًا، أو غير ذلك، وكل هذا مذموم، فإن الإنسان لا ينجح في الدنيا ولا الآخرة، ولا يحيى فيهما حياة سعيدة بمجرد التخيلات والأوهام، وأحلام اليقظة، وفي ذم الاسترسال مع أحلام اليقظة وما فيه من مضيعة للوقت وإهدار له في غير طائل، يقول ابن القيم: وأخس الناس همة، وأوضعهم نفسا من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة، واستجلبها لنفسه، وتحلى بها، وهي لعمر الله رؤوس أموال المفلسين، ومتاجر البطالين، وهي قوة النفس الفارغة التي قد قنعت من الوصل بزورة الخيال، ومن الحقائق بكواذب الآمال. انتهى.
وهذا الاهتمام بالخيال والكلام عن العالم الموازي من الطوام التي أصيبت بها الأمة حيث صرفت الأوقات، والطاقات، ونعمة الفراغ عن شغلها بتعلم الدين وتعليمه، والدعوة إلى الله تعالى بالتكسب بأشياء خيالية، يشغلهم بها الشيطان، ويعلق قلوب كثير منهم بالشهوات والعشق المحرم، فينبغي للمسلم أن يشغل قلبه بالبحث والاطلاع على العلوم الشرعية، والتأمل في آيات الله الكونية، وما ثبت في النصوص الشرعية من أخبار المغيبات، كالحديث عن الملائكة، والجنة والنار، وأحوال أهل القبور وأهوال الآخرة، وأن ينأى بنفسه عن هذه الأمور، فما منها سلم من الحرام لا يقل عن الاشتغال باللغو، وأما ما كان فيه شيء محرم، كالتفكير في محاسن الأجنبيات، وكالتفكير في عمل الفاحشة معهن فهو محرم، قال صاحب المطهرة:
الفكر فيما ليس يعني إنما * يحرم حيث كان فيما حرما
كالفكر في محاسن الأجانب * وعورات المسلمين الغيب.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني