الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتنازل وأقبل بشخص جيد وأنا مطلقة، أم أسمع لكلام عائلتي وأنتظر الأفضل.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة مسلمة وملتزمة -ولله الحمد-، أسكن في إحدى الدول الأوروبية منذ الصغر.

الآن أتممت الثلاثين من عمري، قبل ما يقارب خمس سنوات تزوجت ولكن لم يشأ الله لنا الاستمرار سوى لفترة قصيرة جدا.

بعدها ولله الحمد كان يتقدم لي الخطاب، ولكن كنا نرفض إما لصفات في الشخص معيبة مثل البخل أو الكذب، أو لأن الشخص المتقدم لا يصلي، أو غير ملتزم دينياً.

الآن أنا أعمل بعد أن تخرجت من دراستي في الجامعة، ولقد رزقني الله الهيئة الهادئة والجميلة، وتقدم لي شخصا يكبرني ببضع سنوات، ولم يسبق له الزواج من قبل، ملتزما بصلاته، ويرتاد دائما المسجد منذ قدومه إلى أوروبا، بشهادة إمام المسجد، ويعمل بجهد، فهو غير متعلم، وإمام المسجد شهد له بالخلق والدين وتحمل المسؤولية.

عندما استخرت الله شعرت بالراحة الكبيرة، وازدادت راحتي وقت الرؤية الشرعية، مبدئيا تمت موافقة أهلي واتفقوا على فترة الخطبة قبل العقد، قبل موعد العقد بيومين سافر إخوتي لمدينة هذا الشاب للتأكد من سمعته وصفاته، سألوا شخصا يعمل بالمسجد قال؛ إنه إنسانا عصبيا، وتم بينهم خلاف في رمضان وتشاجروا في المسجد، وإنه من الممكن أن يؤذيني كفتاة لأنه لم يحترم رجل أكبر منه سنا، وصوته مرتفع جدا عندما يتحدث مما يؤدي لمعرفة الناس في خصوصيته إذا تحدث بالهاتف، لهذا السبب رفض أهلي وطلبوا مني أن أنتظر الأفضل، رغم أن الخاطب قال؛ إنه جاهز لأي شرط من أهلي حتى يكونوا مطمئنين.

أنا حائرة جدا بين أن أكون حازمة في قبولي له رغم اعتراض أهلي، أو الاستماع لكلام أهلي في انتظار من قد يكون أفضل منه في المستقبل؟

أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماريا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

غاليتي؛ نشكر لك فكرة السؤال، وهذا يؤكد على أنّك ما زلت تتمتعين بفطرة نقية، وحياء البنات الراقي الصافي، ومن أجل هذا أقول لك: إذا ألقى الله في قلب الشاب الميل إلى فتاة فعليه أن يطرق باب أهلها، وعند طرقه لباب أهلها يُستحب أن يكون معه أهله، ومعه أسرته، ثم عليه أن يطلب النظرة الشرعية، كما علّمنا رسولنا عليه السلام والصلاة من ربّ رحيم حيث قال: "انظر إليها فإنَّه أحرى أن يؤدم بينكما" ، أي: أَحرى أَن تدوم المودَّة بينكما؛ فإنَّ النظرة الأولى يحدث فيها الإعجاب والميل والانطباع الجيد، وقد يتحول بعد ذلك إلى حبّ إذا حصل التلاقي بين الأرواح والتوافق؛ "فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".

الفتاة العاقلة تطلب في الرجل دينه، وخلقه، وقدرته على تحمل المسؤولية، ورشده، وهذا ما قمت به بارك الله فيك.

لنعيد أنا وأنت وضع النقاط على الحروف من جديد، وبمختصر مفيد؛ حتى تتضح الصورة:
الخاطب صاحب خلق ودين، وميسور الحال، وهذا بشهادة إمام المسجد، ومشكلته الوحيدة بالنسبة إلى أهلك أنه عصبي ويغضب بسرعة ويتلفظ بألفاظ سيئة في بعض المواقف..، الشروط الأساسية توفرت والحمد لله.

أنت مترددة وخائفة؛ بسبب موقف أهلك منه بعدما سألوا عنه "شخص واحد " يعمل في المسجد وأخبر أهلك عن ردة فعله خلال موقف.. ربما هو يدافع عن نفسه بسبب ظلم وقع عليه أو ما شابه ..، وأنت ارتحت له بعد الاستخارة؛ فنحن نستخير والله يفعل ما يريد وما يكون خيرًا لنا، فكل ما أطلبه منك أن تعيدي حساباتك، وما يناسبك وليس ما يناسب أهلك، وبطريقة لبقة لا بد أن يقتنعوا، وإذا كنت أنت مقتنعة به؛ فوضي أمرك إلى الله؛ فالله سوف ييسر لك الأمر، بالإضافة إلى تدخل إمام المسجد في منطقتكم. والله ولي التوفيق.

وتمعني معي بكلام سيد البشرية وحبيب الأمة الإسلامية ماذا قال: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف".

أنا أريد منك أن تكوني أكثر ثقة بنفسك، فأنت صاحبة جمال وخلق ودين وعلم، ومن الطبيعي أن ترتبطي برجل يقدرك.

أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرّ عينك به، وتقرين عينه.

تمنياتي لك بحياة طيبة ومباركة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً