الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي كل مرة تصدمني بشاب كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

كيف حالكم؟
آسف على إزعاجي لكم, وكثرة الاستشارات.

استشارتي اليوم خاصة ببنت من بناتي, وعمرها 24 سنة, درَّستها بأحسن المدارس, وربّيتها أحسن تربية, وكل طلباتها موفَّرة, ولا ينقصها شي, قريب منها جدا أنا وأمها, حتى لا تكون معقدة مثل ابنة عمها.

الله يعلم أني صرفت عليها هي وإخوانها دم قلبي, وقبل سنة تقريبا اكتشفت أنها تمشي مع شاب جاهل, وغضبت منها, ومنعتها من الخروج, ولما شعرت أنها تأثرت, وأصبحت مكتئبة, طلبت منها أن تتصل بالشاب وتطلب منه أن يتقدم لها رسميا -يعني من الباب, وليس من الطاقة- فرحتْ بكلامي ,واتصلت به, وأعطاها موعدا على أن يتقدم لها هو وأمه وأبوه, ومر الموعد ولم يحضر, وبعدها حاولت أن تتصل معه فكان هاتفه مغلقا, ويبدوا أنه غيَّر رقمه, وفي النهاية اتضح أنه يلعب, ونسينا الموضوع, وأنا سامحتها وأنهينا الموضوع, وقلنا علَّها تتعظ؛ لأنها كانت جاهلة, وأخذتْ درسا مما حصل.

فوجئت قبل أسبوع -ونحن جالسون لنناقش مشاكل بنت أخي- أن واحدا من إخواني أخذني على جنب وكلمني أنه سمع كلاما من موظف عنده أنه يعرف ابنتي من خلال صديقه, وأن صديقه هذا يخرج مع بنتي ..., المهم اتضح أن ابنتي تعرفت على شاب آخر, ولها مدة تمشي معه, وخدعها بحكاية حب, ولما طلبت منه أن يتقدم لها رسميا, اتضح أنه مخادع, وكان يخدعها وهي لا تعرف أنه مخادع, وعرفت بعد أن أعلمها أنه متزوج وتركها تكلم زوجته....

عندما عرفتُ ذلك كله تشاجرتُ مع الشاب, وحصلت مشكلة بيني وبينه, وقال لي أمام ابنتي: هي التي تجري خلفي, وهي التي أغرتني, وهذا طبيعي في الرجال, لكن العيب في ابنتي.

عند ذلك غضبت غضبا شديدا, وضربت البنت, وحبستها بالبيت, والآن اعتذرت لي, وطلبت مني أن أسامحها, وأنها لن تعود لمثل ذلك, لكن كيف أثق بها مرة ثانيه بعد ما كررت فعلتها مرتين؟

علمت أن الشاب هذا قد أخذ من ابنتي صورا, وسجَّل لها مكالمات ....
أنا والله مصدوم بالذي فعلته ابنتي, ولا أدري كيف أتصرف معها, الله يعلم أني ما قصرت معها إطلاقا, ومن كثرة متابعتي لها هي وإخوانها كنت دائما؛ وفي كل سنة أستلم شهادة شكر وتقدير, وشهادة الأب المثالي من كثرة متابعتي لهم بالمدرسة وبالبيت, ولا أدري ما الذي جعلها تفعل كل هذا, لا يوجد عذر ألتمسه لها؛ لأني غير مقصر معها, وسألتها هل قصرت معك؟ قالت: لا, ولا يستطيع أحد أن ينكر شيئا من الذي عملته معنا.

أنا مستغرب! لماذا عملت كل هذا؟ والله لو كانت تعذبت مثل ابنة عمها -أقصد بنت أخي الذي سبق وكلمتكم عنها- كنت عذرتها, وكنت قلت نحن من أوصلها إلى هذا الحال, لكن أنا ما قصرت معها بشيء, ورغم أن عندنا عادات وتقاليد تسمح للأب أن يقتل ابنته إذا عملت هذا, لكني ضربتها فقط, وأنا غضبان لأني ضربتها, لكنها أحرجتني بأفعالها, والله صدمنا بفعلها, ولا أعرف ماذا أفعل معها, ولا أستطيع أن أنسى فعلها.

أتمنى أن تساعدونا؛ لأننا والله مصدومون, وخائف أن تعود لنفس الفعل.

والعفو منكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبا محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب, نشكر لك دوام تواصلك معنا، وثقتك فينا، وقد لمسنا من كلامك أنك تتمتع بقدر كبير من الاهتمام والرعاية للأبناء، وهذا شيء تُشكر عليه، وكن على ثقة بأن خيره عائد, ولن تعدمه أبدًا.

كما لمسنا منك أيضًا رفقًا ولينًا بهذه البنت - وهذا أمر مطلوب - والرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع هذا نحتاج -أيها الحبيب- في كثير من الأحيان إلى قدر من القسوة حتى يجتمع الأمران دون إفراط أو تفريط، فإن الحزم يُطلب أحيانًا، كما أن اللين والرفق يُطلب في أحيانٍ كثيرة.

ومن ثم فنصيحتنا لك -أيها الحبيب-أن تتعامل مع ابنتك بشيء من الاعتدال والتوازن, بعيدا عن التأثر بالعادات الموروثة عن المجتمع, والمخالفة لشرع الله تعالى، فإن قتل البنت إذا فعلت شيئًا من هذا جريمة في نظر الشرع، فاحذر من أن يستدرجك الشيطان, أو أن تستفزك هذه العادات القبيحة إلى فعل ما حرمه الله عز وجل عليك.

وقد أحسنت في الوقوف عند حدود الله تعالى, وابتعدت عن التعدي، وهذه البنت -أيها الحبيب- أحوج ما تكون إلى مساعدتها لتجاوز هذه المرحلة من حياتها، وهي أحوج ما تكون إلى الزوج الذي تقر به عينها, وتسكن إليه نفسها، فشأنها شأن سائر بني الإنسان؛ فإن حاجة النفس داعية إليها.

ومن ثم فنصيحتنا لك أن تساعدها في تحقيق هذا المطلب في حياتها، فانظر فيمن تتوسم فيه الخير وصلاحيته لأن يكون زوجًا لها، فاعرض عليه الزواج إذا رأيت أنه قد يقبل بالزواج، وليس في هذا عيب، فقد كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يعرضون بناتهم على من يلتمسون فيه الخير, ويرجون فيه القبول بالزواج، وهذه هي الوصية النبوية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج).

فهذه هي الخطوة الأولى التي ينبغي لك أن تجتهد فيها، وأما إصلاح شأن هذه البنت فإنه أمر -بإذن الله تعالى- سيكون يسيرًا إذا ما حزمت أمرك, وأخذت بالأسباب الموصلة لذلك، ومن هذه الأسباب أن تحول بينها وبين اللقاء بالرجال غير المحارم، ولو أدى ذلك إلى منعها من الخروج من البيت في غير رفقة أحد من محارمها, أو الذهاب إلى أماكن تلتقي فيه بعض الرجال، ولو أدى ذلك إلى أن تحرمها من بعض سنوات الدراسة.

من الأساليب -أيها الحبيب- أيضًا: أن تحول بينها وبين وسائل الاتصال التي تستعملها, وتستخدمها في معزل عن مراقبة الأسرة، وليكن هذا على سبيل الإقناع لها؛ بأن هذه الأدوات يستدرجها الشيطان من خلالها ويستزلها لتقع في الزلل والخطأ كما حصل من قبل، ومن ثم فإنها بحاجة أن تمنع نفسها عنها.

ومن هذه الأساليب -أيها الحبيب- أيضًا في صلاحها: الاعتناء بضرورة تقوية إيمانها، وإسماعها بعض المواعظ التي قد تطرد الغفلة من قلبها، كإسماعها المحاضرات التي تذكرها بالله ولقاء الله, والعرض عليه، والجنة والنار, والقبر، فكل هذه المواعظ والتخويف يطرد من النفس الشهوة, ويوقظ القلب, ويدرك الإنسان أنه مسئول عن تصرفاته وأعماله.

ومن الأساليب أيضًا -أيها الحبيب-: أن تحاول دمجها وسط بيئة صالحة من النساء والفتيات, حتى تشغل نفسها بالشيء النافع، فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل.

هذا ما نستطيع أن نقوله الآن لك -أيها الحبيب- في محاولة إصلاح هذه البنت، وبالجملة نحن نكرر ثانية تأكيدنا أنه يجب عليك الحذر من أن تستفزك العادات والتقاليد إلى فعل ما لا يجوز، كما لا يجوز لك أيضًا التساهل والتراخي في أخذ القرارات التي تحول بين هذه الفتاة وبين الوقوع فيما وقعت فيه ثانية، فإن فتة الرجل بالمرأة - والعكس - من أعظم الفتن التي يتعرض لها الإنسان، وقد اشتد تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.

نسأل الله تعالى أن يُصلحها, وأن يردها إليه ردًّا جميلاً، ونوصيك بكثرة الدعاء لأبنائك بالصلاح والاستقامة، والتوجه إلى الله تعالى بصدق واضطرار، فإنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين أصابعه يقلبها كيف يشاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ام ليونه

    زوجيها من اقاربك

  • قطر محمدمحمودمختار

    والله لقد ابتليت بمثل بلاءك وعانيت نفس معاناتك ولازلت أعاني اسأل الله ان يجعل لنا فرجا ومخرجا أنه علي كل شيء قدير

  • أمريكا ابوعبدالرحمن

    الله المستعان ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، اخواني في الله إن مما يادي إلى هذه الأشياء غالبه الإختلاط في المدارس وغيرها فالحذر الحذر من هذه الفتنة العظيمة

  • عمان أم البنات

    أبتليت بمثل بلائك،، وإستفدت من الحل، وسأحاول تطبيقه
    أنا أقوم الليل أدعوا الله أن يصلحها، ويزوجها بالزوج الصالح
    الغريب إنها محافظه جداً على صلاتها
    وعسى يارب ينهاها صلاتها يوماً عما يغضب الله

  • السعودية ابو حسام المالكي

    لاحول ولا قوة قلبي معاك الله يصلح الامور ان شاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً