الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الولد على والديه

حق الولد على والديه

حق الولد على والديه

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [كلكم راعٍ، ومسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، الرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته] ، قال: فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: [والرجل في مال أبيه راعٍ، ومسؤول عن رعيته، فكلكم راعٍ، ومسؤول عن رعيته] .
قال الخطابي: ورعاية الرجل أهله: سياسته لأمرهم وإيصالهم حقوقهم، ورعاية المرأة: تدبير أمر البيت والأولاد والخدم.. ويقول ابن حجر (13-120): وجاء في حديث أنس مثل حديث ابن عمر فزاد في آخره: فأعدوا للمسألة جواباً، قالوا: وما جوابها؟ قال: أعمال البر، أخرجه ابن عدي والطبراني في الأوسط، وسنده حسن، وله من حديث أي هريرة: ما من راعٍ إلا يسأل يوم القيامة أقام أمر الله أم أضاعه؟ ولابن عدي بسند صحيح عن أنس: [إن الله سائل كل راعْ عما استرعاه حفظ ذلك أو ضيّعه] .
وقال النووي: قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.

يقول الإمام الغزالي في رسالة أنجع الوسائل: "الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم؛ شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه].
وأكّد ابن القيم - يرحمه الله - هذه المسؤولية فقال: "قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة، قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقاً، فللابن على أبيه حق، فكما قال الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً) (العنكبوت:7) وقال أيضاً: (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) (التحريم:6)، فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقال: يا أبتِ إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: [سماهم الله - تبارك وتعالى - أبراراً، لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك - حقاً - كذلك لولدك عليك - حقاً -] .

حقوق الأطفال على الكبار
يقول محمد نور سويد: إن إعطاء الطفل حقه وقبول الحق منه يغرس في نفسه شعوراً إيجابياً نحو الحياة، ويتعلم أن الحياة أخذ وعطاء، كذلك فإنه تدريب للطفل على الخضوع للحق يرى أمامه قدوة صالحة... وإن تعوده العدل في قبول الحق ورضوخه له تتفتح طاقته لترسم طريقها في التعبير عن نفسه ومطالبته حقوقه، وعكس هذا يؤدي إلى كبتها وضمورها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن غلاماً على يمينه لكي يتنازل عن حقه ليعطيه للكبير الذي على يساره، فإذا بالطفل لا يؤثر سؤر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه لأحد أبداً، فيعيطيه رسو الله صلى الله عليه وسلم الإناء ليشرب ويهنأ في الإستمتاع بحقه.
فعن سهل بن سعد رضي الله عه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال يا غلام: أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله ، فأعطاه إياه". قال ابن حجر: (وعن يمينه غلام) هو الفضل بن العباس حكاه ابن بطال، وقيل أخوه عبد الله حكاه ابن التين، وحمله على ذلك حديث ابن عباس الذي أخرجه الترمذي قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناء من لبن، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على يمينه وخالد على شماله، فقال لي: الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالداً، فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك أحداً".

من حقوق الولد على أبيه:

1- السعي للزواج من امرأة صالحة ذات دين.
2- اتباع السنة في معاشرة الرجل لزوجته، والدعاء بالمأثور في الفراش، للشيخين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره] ، ويقول ابن دقيق العيد: لا يضره في دينه أيضاً، وقال الداودي: أي لم يفتنه عن دينه إلى الكفر.
3- إتباع السنة في استقبال المولود، كأن يؤذن في أذنه بعد ولادته، ويحنكه بنفسه، أو يذهب به إلى عالم صالح ليحنكه، ويعد له العقيقة.
4- عدم تسخط البنات، لأن الهدف هو إنجاب الذرية الصالحة، ولداً كان أم بنتاً، فالولد الصالح يشمل الذكر والأنثى، وتسخط البنات اعتراض في غير محله، وعدم رضى لما أعطى الله عز وجل، وهي بقية من الجاهلية؛ لأنهم كانوا يرغبون بالذكور لأنهم محاربون ينفعونهم في الغزو والسلب والنهب، بينما تكون البنت عالة على الرجال في القبيلة، لأنها ليس محاربة، وهذا ضيق أفق وجهل قبلي متعفن، أليست المرأة تلد الرجال المحاربين!!؟ وكل عظيم وراءه امرأة كما قيل -.
5- أن يتخير له اسماً حسناً، ذكراً كان أو أنثى. كما ورد في السنة المطهرة.
6- أن يختنه ذكراً كان أو أنثى، والختان من سنن الفطرة، ويستحب أن يكون بُعيد الولادة بأيام قليلة لسهولته عندئذ على الطفل.
7- أن يختار له والده مرضعة صالحة، وأفضلهم أمه التي أنجبته، لما للبنها من توافق مع الطفل، كما للرضاعة من الأم أثر طيب في النمو النفسي والعاطفي للطفل، وإن تعذر على الأم إرضاعه، فينبغي على الأبوين البحث عن مرضعة ذات دين، لا تأكل حراماً ولا تقترب منه، فيستفيد الطفل عندئذ من حليبها إن شاء الله.
8- أن ترعاه أمه وتحضنه- وخاصة خلال الطفولة المبكرة - ولا تتركه للخادمات أو المربيات مهما أخلصن في عملهن، فالأم لا تعوض عند الطفل بالدنيا كلها.
9- وعلى الوالدين أن يعلّما طفلهما كتاب الله عز وجل، وما يلزمه من العلوم في دينه ودنياه. فقد أخرج البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب والسباحة، وألا يرزقه إلا طيباً].

10- ألا يرزقه إلا طيباً، من الكسب الحلال.
11- أن يعلمه الصلاة ويدربه عليها في سن السابعة، ويواظب على هذا التدريب والتعليم حتى ترسخ عنده، ويصحبه إلى المساجد للصلاة، وسماع الدروس، والمواعظ والجلوس عند العلماء.
12- أن يدربه على الصوم منذ السابعة، ويراعي الفصول وطول النهار، فيدربه على صوم النهار كله أو بعضه، حتى إذا أنس منه القدرة على الصوم يلزمه به.
13- أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأطفالهما في البيت وخارجه، فالأطفال يتعلمون من اقتدائهم بأفعال والديهم أضعاف ما يتعلمونه من أقوالهم.
14- أن يعلمه آداب الإستئذان وسائر الآداب الإجتماعية، ويدربه عليها ويلقنه إياها بالقدوة والقول.
15- أن يوفر له الرفقة الصالحة، ويخطط بشكل غير مباشر ليضع ولده في بيئة صالحة، كالسكن في حي إسلامي، بجوار المسجد النشيط، وإرساله إلى مدرسة إسلامية، وإرساله إلى المراكز الصيفية والمخيمات الإسلامية.
16- أن يعوله حتى سن الرشد، وأن يعده للحياه في مجتمعه، فيدرسه ويدربه ويعده بما يلزم ليكون عنصراً صالحاً في المجتمع المسلم.
17- أن يعدل الوالدان بين أولادهم، فلا يفضلون أحدهم على الآخر، بل يساوون بينهم في الحب والعطف والمعاملة. وخاصة بين الذكور والإناث.
18- أن يزوجه ويساعده على البحث عن الزوجة الصالحة ذات الدين، أو يبحث لابنته عن الزوج الصالح ذي الدين. وينفق على ولده أو ابنته من ماله الخاص - إن كان غنياً - من أجل الزواج وبناء أسرة مسلمة جديدة.
19- أن يرشده بعد الزواج إلى سعادته في الدنيا والآخرة، وأن يزوره في بيته، ولا يضعف صلته به بعد زواجه

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

معاً .. نربي ونعلم

وكان أبوهما صالحا

تربية الأبناء مسؤولية عظيمة على عاتق الآباء والأمهات، أمرهم الله بها، ودعاهم إليها في قرآنه فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا...المزيد